الحلقة الثالثة: الحبيب الوسيم
بعد العشاء جلست العائلة لترتب الحاجيات وتشاهد برامج التلفاز.. قالت والدة روان:
- أين روان يا صالح؟
- صعدت لغرفتها يا أمي..
نظرت الأم لمنال التي كانت ترتب حاجياتها في الدولاب وقالت لها:
- ما بها روان تبدو حزينة على غير عادتها..
- لا شيء يا أمي.. هي فقط متأثرة لأننا تركنا البيت القديم.. وهي كانت تحبه..
- آه معها حق نحن أيضاً نحبه فقد احتوى ذكريات جميلة وحلوة..
قال الأب:
- غداً تتعود ويكون لها ذكريات أخرى هنا..
- أتمنى ذلك!
جاء الليل.. وأسدل الظلام ستاره على بيت روان.. وساد الصمت ونامت الخلائق.. ماعدا... المحبين الذين أسهروا ليلهم للتفكير فيمن يحبون.. والذين كانت روان منهم أيضاً.. فقد كانت تناظر السماء والقمر والنجوم من خلال نافذتها الزجاجية الكبيرة.. تفكر.. يا إلهي.. كيف استودعت سري شخصاً لا أعرفه!! كيف طلبت مساعدته وأنا لا أعلم كيف سيساعدني لكني اشتقت لحبيبي.. كم أتمنى أن يكون هنا معي.. دمعت عيناها شوقاً إليه..
طلع النهار وهي لم تنم بعد.. فنزلت إلى الحديقة تراقب الطيور والفراشات فسمعت ذات الصوت الذي سمعته من قبل.. يهمس لها قائلاً:
- كيف حالك اليوم يا روان؟
- تأخرت أيها الخفي..
- هذا بدل أن تقولي لي الحمد لله على السلامة..
- حسناً حمداً لله على السلامة.. تأخرت..
ضحك ذو القبعة الزرقاء.. وقال لها:
- دمك خفيف يا روان!
- أنا نفذ صبري.. أخبرني لماذا تأخرت؟
- الشوارع مزدحمة.. وكذلك المحلات التجارية والمجمعات والأسواق.. كل الناس خارج بيوتها تشتري.. الأدوات المنزلية والطعام.. وكأنها ستحدث مجاعة.. أو حرب..
- هذا عادي.. إنه موسم صيام.. وفي المواسم يحدث ذلك..
- يعني شيء عادي أن يتجه كل الناس إلى السوق دفعة واحدة ويفرغوا المحلات من البضائع.. ويملؤوا بيوتهم بما يحتاجون وما لا يحتاجون.. وهناك أناس لا يجدون كسرة الخبز!! عجبي يا بني البشر..
- نعم في هذا معك حق.. لكنهم سيصومون هل تعرف ما معنى يصومون؟
- وهل الصيام معناه الأكل يا روان؟! إننا نصوم لنأكل إذاً!!
- هذا ما تعارف عليه الناس.. المهم أنا متشوقة لما أحضرت لي من أخبار.. أخاف أنك مع الازدحام نسيت ما طلبته منك..
- أبداً لا أنسى عهداً قطعته على نفسي..
أخرج هاتفه النقال من جيبه وضغط على أزراره وقرب منها الشاشة وقال لها بفرح:
- انظري.. ما رأيك؟
- من هذا؟؟
- شاب وسيم.. جميل المظهر, أنيق.. رأيته فأعجبني وأيقنت أنه حبيبك الذي تبحثين عنه؟
ضحكت روان وجلست على كرسي الحديقة وقالت:
- لا يا خفي.. إنه ليس هو..
- لكنك وصفتيه لي هكذا..
- صحيح قلت لك إنه جميل.. ورائع.. لكن أنا لا أقصد المظهر فقط.. فالمظهر يا خفي ليس هو كل شيء.. فالإنسان لا يتكون من الشكل فقط بل من القلب والروح .. وحبيبي جميل الشكل والروح أيضاً
- تعنين إنني أخطأت؟
- للأسف نعم.. فأنت لم تحضر لي حبيبي الذي أحبه.. يبدو أنك لم تذهب حيث بيتنا القديم!!
- حسناً.. لقد كشفتيني.. بيتكم القديم بعيد والشوارع مزدحمة ولم أتمكن من الوصول إلى هناك.. وخفت أن أتأخر عليك.. وقد رأيت هذا الشاب الوسيم.. فصورته بكاميرا هاتفي وعدت إليك مسرعاً..
- أنا آسفة لأني أتعبتك يا خفي..
- لا بأس سأعاود البحث..
- لكن..
- هذا خطئي وهو تقصيرٌ مني.. ولذلك يجب أن أصححه.. مع السلامة..
ثم اختفى قبل أن تتمكن من ثنيه عن رأيه.. فدخلت إلى البيت لتساعد والدتها في إعداد الفطور.
الأحد ديسمبر 27, 2009 12:15 pm من طرف مهند شريف