الحلقة الأولى : فضول ذي القبعة الزرقاء
لبس قبعته الزرقاء وخرج يتمشى في أنحاء المدينة.. كان يشعر بالملل فلا شيء في هذه المدينة يستهويه ويلفت انتباهه أخذ يبحث بفضوله عن حدثٍ يشده..عن شيء يقضي فيه وقته.. يفرغ به طاقته التي يحسها كرياح تحطم الجبال..
وقف يدخن أصبعاً من التبغ فرأى شاحنة كبيرة متوقفة عند أحد البيوت.. ورجال منها ينزلون ويدخلون أحد البيوت القديمة المتداعية ويحملون بعض الشنط الكبيرة والصغيرة ويضعونها في الشاحنة.. وقف يراقبهم من بعيد.. ثم رأى خمسة أشخاص ينزلونومعهم بعض الأكياس.. هم الأم والأب والأولاد على مايبدو.. حدث نفسه دون اكتراث : يبدو أنهم سيسافرون!!
كان سيمضي لحال سبيله لولا أن استوقف فضوله حديث الفتاتين اللتين تأخرتا عن ركوب السيارة الصغيرة التي كانت خلف الشاحنة وهما تتهامسان..
اقترب أكثر رغم أنه نهى نفسه كثيراً عن استراق السمع ولكن دونجدوى.. فقد كانت إحداهما تبكي وتستجدي الأخرى وتشدها من ثوبها وهي تقول:
- أرجوك قولي لأبي أن يؤجل رحيلنا يوماً آخر!!
- ولماذا التأجيل يا روان؟؟
قالت و الدموع تترقرق في عينيها:
- ربما.. يأتي!
- وإذا لم يأتِ يافالحة؟
- أنا متأكدة أنه سيأتي.. أنت فقط كلمي والدي..
- عني أنا.. لن أكلم أحداً.. كلميه أنت.. لماذا لا تكلميه بنفسك؟
- أخاف أن يسألني عن السبب.. فماذا تراني أقول له؟
- وأنا أيضاً ماذا أقول له؟ حبيب أختي قد يأتي ليراها!!
- أرجوك يا منال.. لا تسخري من مشاعري.. أنا لا أطلب سوى أن نبقى شهراً آخر أو.. حتى يوماً آخر..
- أنا لا أسخر من مشاعرك يا أختي.. لكن العقل أيضاً مطلوب.. بيتنا الجديد جاهز.. وعلينا الرحيل من بيتنا القديم وإلا سيتهدم على رؤوسنا.. وهو إذا كان يحبك حقاً.. سيعرف كيف يصل إليك..ثم تركتها ومضت وهي تقول:
- هيا بنا وإلا سيغضب والدي..
نظرت إليها روان وهي تصعد إلى السيارة.. وقلبها يتفطر حزناً.. وهزت رأسها بألم ثم قالت:
- كيف يصل إلي وهو لا يعرف عنوان بيتنا الجديد؟؟
ناداها والدها من بعيد.. فسارت لتنضم إليهم في استسلام وخضوع..
بينما طالعها الرجل ذو القبعة الزرقاء.. وهو يضمر بينه وبين نفسه أن يعرف السر.. فسار خلف السيارة التي كانت الشاحنة تتقدمها.. في الطريق الطويل..
وكانت روان.. تطالع الطريق من خلفها وتبكي.
يـــــــــــــتــــــــــــــــــبــــــــــــــــ ـــع
الأحد ديسمبر 27, 2009 12:16 pm من طرف مهند شريف