الحلقة التاسعة: باركوا لي لقائي بحبيبي
حضرت منال الشاي والقهوة.. والحلويات.. وجلس أفراد العائلة جميعاً أمام التلفاز..
كم تمنى أبو صالح أن يذهب الليلة إلى المسجد ليقوم ليلة القدر جماعة.. لكنه شعر بالتخمة لأنه أكثر من تناول طعام أم صالح اللذيذ.. فشرب فنجاناً من القهوة ثم غفا قليلاً.. وصوت موسيقى الفوازير الرمضانية يضج في أذنيه، قالت الأم لصالح:
- يا ولدي أخفض الصوت قليلاً ألا ترى أن والدك نائم؟
- إذا أخفضته كيف أسمع؟ يا أمي الجائزة سيارة!!.. ألم تسمعي؟ سيارة موديل 2006!!
هزت الأم رأسها وهي تقول : لاحول ولا قوة إلا بالله، ثم اتجهت لتجيب على الهاتف:
- وعليكم السلام يا أم سامي.. والله بخير.. عساك بخير؟
- ألم تسمعي آخر أخبار أم ماهر؟ ألم تخبرك أم سعيد؟
- لا لم أسمع! خير إن شاء الله..
نظرت روان إلى والدها الذي راح يغط في سبات عميق، ثم إلى والدتها التي كانت تأكل مع صديقتها أم سامي لحم أم ماهر بنهم..
ثم ألقت نظرة على صالح الذي يمسك بالورقة والقلم ليجيب على أسئلة الفوازير..
ثم تلفتت حولها فلم ترَ منال فسألت نفسها: أين منال؟ آه تذكرت.. إنها تستعد للذهاب إلى السوق..
تذكرت وهي تطالع أحوالهم وعدها لصديقها الخفي.. لقد تذكرت ذلك الوعد بكل جوارحها وهي تتناول طعام الإفطار، فلم تكثر من الطعام.. لتكون نشيطة وهي تصلي.. وتتقرب إلى الله..
فقامت واغتسلت.. واستعدت للصلاة..
مسحت الغبار عن مصحفها الذي كان وحيداً على أحد الرفوف.. تلت الآية الكريمة: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}
أوجعها عتابه لها: أنسيتني يا روان!! حتى في شهر القرآن؟!!
أجابته والندم يعصر قلبها: أعرف أني مقصرة في حقك يا كتابي، فلا تشدد في عتابي!
صلت بخشوع, قرأت بخضوع, دعت بدموع الرجاء والأمل، وكلها يقين بأن الله يسمعها ويراها.. وبأنه مطلعٌ على سرها ونجواها.. و أنه يعلم حاجتها وقادرٌ على تحقيق أمنياتها حتى تلك التي تكاد أن تكون مستحيلة..
شعرت بأن الليل قد أضاء بنور روحاني بديع، وأن اللحظات الرمادية المحزنة قد أزهرت وتلونت بألوان الفرح الزاهية ورسمت حولها أروع منظر ربيعي رأته عيناها على الإطلاق..
دمعت عيناها وهي تسائل نفسها: أين كنت من هذا الجو الجميل.. أين كنت من هذه الراحة النفسية الرائعة التي تملكت عقلي وقلبي وروحي معاً..
سمعت صوتاً تحبه يهمس في أذنيها قائلاً: كم اشتقت إليك يا روان..
التفتت إلى صاحب الصوت:
- أهذا أنت؟
- نعم أنا.. هل اشتقت إلي؟
- كثيراً جداً.. يا حبيبي..أين كنت؟ بحثت عنك كثيراً..
- كنت في ضيافة أهلي وأحبابي.. الذين يحرصون على وجودي بينهم..
- الحمد لله على سلامتك.. ما أسعدني بعودتك..
أخذها بين أحضانه.. أشعرها بحنانه.. هدأ نفسها.. مسح دموعها.. أشعل قناديل الفرح والنور الرباني في نفسها..
كادت تنسى في غمرة فرحتها أن تبشر من أجهد نفسه بالبحث معها عن حبيبها.. قالت له:
- دقائق وأعود يا حبيبي..
- أين تذهبين؟
- سأطمئن الخفي..
- ومن هو الخفي؟
ضحكت وقالت:
- نسيت أن أخبرك.. إنه شخصٌ طيب كان يساعدني في البحث عنك.. اسمه كريم, يلبس قبعة زرقاء تساعده على التخفي فلا أحد يراه..
طالعها وابتسم وهو يكتم عنها سراً..بينما راحت هي تكتب رسالة للخفي عبر الجوال:
أبشرك أيها الخفي.. لقد زارني حبيبي..
فرد عليها برسالة أخرى:
حقاً؟.. ألف مبروك.. هل تسمحين لي أن أحضر لأراه؟
نظرت إلى حبيبها الذي هز رأسه إيجاباً.. فكتبت له:
نعم.. فحبيبي يسره التعرف عليك
الأحد ديسمبر 27, 2009 12:15 pm من طرف مهند شريف