الرأسماليون الغربيون لهم دراساتهم الدقيقة لاستغلال كل شيء في الحياة، وبشكل قذر حتى لو أدى ذلك إلى استغلال المرأة التي هي أم وأخت وزوجة وابنة، وأخت في الإسلام ورَحِمٌ أمَرَ الله أن توصَل، وهي فوق كل هذا وذاك عرضٌ يجب أن يصان، فعمد الغرب إلى إخراجها من بيتها بحجة إعطاء المرأة حقوقها، تلك المقولة التي كذبوا بها على الناس في العالم كله، وعلى المسلمين خاصة لإفساد أخلاق الشباب والشابات، فأصبحن يتبرجن أكثر من تبرج المرأة الكافرة، لا بل إن بعضهن تمادَيْن لدرجة الاسترجال والاستغباء واللاإنسانية، أي لدرجة البهيمية الحيوانية، فكشفن عوراتهن بشكل حيواني بهيمي، وقَبِلْنَ الاشتغال بمهن مبتذلة، سواء مثل عارضات الأزياء أو ما شابه ذلك كاستغلال أنوثتهن أثناء العمل في المحلات التجارية مع إبداء زينتهن لجلب الزبائن!
وحكم هذا العمل بهذا الوصف وهذه الصفة حرام شرعا، وحتى لو كان العمل باللباس الشرعي ولكنه بزينة ظاهرة وجمال لافت للنظر وكأنه استئجار للجمال، واستغلال لأنوثة المرأة فإنه يظل حراما، وهكذا دواليك، فقد استطاعوا أن يخرجوا المرأة للعمل لا لذات العمل، بل بقصد الفساد والإفساد والاستغلال المادي، وإيجاد أيد عاملة رخيصة، فاضطروا العائلة للحاجة والاحتياج لإخراج المرأة للعمل، واتخذوا إجراءات لذلك، مثل رفع الأسعار والدعاية للحاجات الكمالية على أنها حاجات ضرورية وليست كمالية، ونشروا تلك الدعايات بين الناس من الأغنياء وأصحاب الطبقة الوسطى، حتى يطلب الكماليات كلُّ الناس، وذلك من خلال برامج تلفزيونية تثقيفية ودعائية متميزة ومغرية، حتى أصبح كل ما في الأسواق حاجات، وليس كماليات يسعى للحصول عليها واقتنائها تحت قاعدة: "ما الفرق بيني وبين فلان الذي يقتني تلك الكماليات؟". لذا يجب أن أحصل على ما اقتناه أخي وجاري وصديقي! حتى فقدت الكثير من النساء صوابهن، تحت تأثير المسلسلات والدعايات والبرامج التثقيفية شكلا، والدعائية مضمونا، فأصبحت المرأة المسلمة تحت تأثير الفكر العلماني الكافر المتمدن، ودون وعي منها، ومع قلة التثقيف بالفكر الإسلامي، سواء في المناهج أو في الإعلام، وحتى في المساجد لم يسمح بالحديث عن حقوق المرأة، بأي شكل يبين زيفها أو سوءها؛ لأن من يملك ملفات المرأة في الأصل هن السيدات الأوليات في بلاد المسلمين، أي نساء الملوك ورؤساء الدول، وهن صويحبات مؤتمرات: سيداو وبكين والقاهرة، فمن يستطيع أن يبين زيف ذلك وبطلانه؟ ولهن ساعات من البرامج التلفزيونية للدعاية والحديث عن وجوب استرداد المرأة لحقوقها، وكأن مصاغها الذهبي الذي تتزين به قد سُلب منها، وعليها القتال لاسترداده، وكل ذلك بمساعدة جمعيات وأندية ومنتديات ورجال دين ومؤسسات دينية، حتى أصبح الأمر قناعة عند بعض النساء، وخصوصا قليلات التحصيل الدراسي والثقافي، وأقنعوا من حصلن على شهادات ومناصب ومكاسب دنيوية، من نساء المسلمين وأصبحت قضيتهن المصيرية، ونجحوا أيما نجاح! ولولا بقية من دين وحياء لكان الأمر فاضحا وقذرا بشكل أكثر مما نرى في حواضر ومدن وعواصم بلاد المسلمين، حتى غدا الأمر في أفضل أحواله أن تلبس المرأة حجابا، ولا ضير لو لبست معه البنطال وأمثاله من الألبسة الفاضحة، والصادرة من دور أزياء الكفر الباريسية، وكل ذلك لأن الفنانة الفلانية لبست ذلك، وأن ابنة ذلك الشيخ تلبس مثله، أو قريبا منه!
وعليه استطاعوا أن يسلبوا المرأة وأهلها عقولهم وتدينهم، لا بل وحياءهم وعاداتهم، ووضعوا لذلك قوانين تشريعية، من دون شرع الله تعالى، وصوتوا عليها في مجالس النواب التشريعية، التي رضي وقبل بها مشايخ وأصحاب شهادات الدكتوراة في الشريعة، وعلماء وأحزاب إسلامية، بأن يكونوا أعضاء بها ويصوتوا معترضين عليها، حيث طبيعة الكفر الديمقراطي أن يوجد المعارضة حتى يضفي الشرعية القانونية على ما يفعل ويشرع، أي على الدكتاتورية الديمقراطية المصطنعة، وذلك بفعل الإعلام والمنح والترهيب والترغيب!
وعليه كان لا بد من وقفة طويلة، وطويلة جدا مع ما يسمى بحقوق المرأة، التي نجح الرأسماليون الغربيون في استغلالها أيما نجاح بأي شكل من الأشكال سواء استغلالها بتأجيرها أو باستعبادها لدرجة الابتذال الجنسي بل والسلوك الحيواني، وأمثلة ذلك داخليا وخارجيا كثيرة، ولا يخفى على ذي لب وعقل وعينين، وذلك مثل الموديلات الكاسية العارية، ومثل العمل السكرتاري الجميل والرقيق، ومثل الكباريهات التي تعج بالنساء المبتذلات، ومثل إعطاء بعض المناصب القيادية لبعض النساء كالكوتة النسائية النيابية والبلدية وحتى الوزارة، والرياضة بكل أشكالها، وبلباسها الفاضح والاختلاط المشين! وهكذا خيلوا لها أنها حصلت على حقوقها المسلوبة، التي جعلت منها سلعة مبتذلة، ولقمة سائغة لضباع وذئاب البشر، بدل أن تحميها من الذئاب الحيوانية لضعف جسمها ورقتها وأنوثتها.
وقبل النهاية لكم أن تتصوروا وصف الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء حيث وصفهن بالقوارير، سواء أكانت من زجاج أم من فخار، فلا تعامل معهن إلا برقة ونعومة ولطف وحسن كلام، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يحضرني الآن هو: «مَا أكرَمَهُنَّ إِلاَّ كَرِيمٌ، وَمَا أهَانَهُنَّ إِلاَّ لَئِيمٌ». عليك سلام ربي يا سيد البشرية يا رسول الله! كم أوصيت بالمرأة بإعطائها حقوقها التي أعطاها إياها ربنا رب العالمين، وكفلها لها ديننا دين الإسلام، لا منة من أمم متحدة أو من منظمة عالمية، ولا مكرمة من ملك ورئيس دولة من البشر يأكل ويشرب وينام ويمرض ويموت!
فتبا ثم تبا ثم تبا للقوانين الوضعية والديمقراطية الكافرة، ولكل القوانين المدنية، ولو بمرجعية إسلامية، فما لم يكن التشريع ربانيا لن يأخذ إنسان ولا حيوان ولا جماد حقَّه، فاعقلوا أيها المسلمون، واتقوا الله وأطيعوه، وارعَوُوا وأُوبوا إلى رشدكم، وتشريع ربكم واعملوا لنصرة دينكم، وأعيدوا خلافة إسلامكم لتطبيق شرع ربكم...