ناصر شديدبي بي سي-النوفليةاغلب المقاتلين مدنيون لا تجربة عسكرية لهمقبل غروب الشمس بساعة وصل فريق بي بي سي إلى إحدى جبهات القتال الليبية القريبة من خط النار، بنية البقاء ليلة بين الأشجار مع مناوئي العقيد الليبي معمر القذافي.
لم تكن زيارتنا بترتيب أو حتى بمعرفة مسبقة من المقاتلين، لكنهم رحبوا بنا وسلاح بعضهم على كتفه، وبعض الآخر موزع على فروع الشجر، لكن في صلاتي المغرب والعشاء اللتين يؤدونها في جبهات القتال جمعا وقصرا، يضعون السلاح أمامهم تحسبا لأي طارئ.
حياة المقاتلين
بعد فترة من التسامر والنقاش، دعينا لطعام العشاء المكون من المعكرونة مع قطع من الدجاج قيل إنه إستثناء، طهي على مهل بعد جمع أغصان يابسة من الشجر المتناثر في أماكن محددة في الصحراء ليبيا، ليتبع ذلك الشاي والقهوة على بقايا الجمر.
على جبهات القتال يتخذ مناهضو القذافي الأشجار مكانا للراحة كمساكن مؤقتة لهم، بعضهم ينام تحت الدبابات إتقاء للحر، والأهم من ذلك حماية لهم، من قصف كتائب القذافي، حدثنا أحد المقاتلين بأن فوجا من كتائب القذافي مر قبل عدة أسابيع وهو نائم تحت إحدى الدبابات دون أن يشعر بهم أحد.
وباستثناء قائدهم لم نجد أحدا منهم متزوجا مع أن المجموعة تتكون من سبعة مقاتلين، رغم أن أعمارهم وصلت إلى منتصف الثلاثينيات من العمر.
بين المقاتلين من كان بعيدا عن الدين، لدرجة تناول المخدرات والخمور، لكن الثورة ايقضت الكثير فيهم كما قال أحدهم للبي بي سي، فالصلاة أصبحت جزءا من حياتهم اليومية.
أحدهم قال لنا بأنه كان في السجن العسكري لخطأ ارتكبه في الجيش الوطني، عندما اندلعت الثورة كان ينظر من نافذة الزنزانة وقرر أن يلتحق بها فور خروجه وهكذا فعل.
وأضاف بأن الضابط المسؤول عنه والذي كان سببا في سجنه هو قائد ميداني في كتيبة أخرى، وعلاقته به أصبحت أفضل في جبهات القتال، مفضلا عدم الخوض في سبب سجنه إبان حكم القذافي.
السلاح المقلق
عند سؤالهم عن السلاح المنتشر بعد ثورة السابع عشر من فبراير، وإن كانوا يسعون إلى تسليمه فور سيطرتهم على جميع الأراضي الليبية أم لا، قال قائدهم الميداني مفتاح أرسلان للبي بي سي "كلنا سنسلم أسلحتنا، نحن لسنا قتاليين ولا حربيين نريد حياة مدنية، وأغلبية الثوار من الطلبة الجامعيين والموظفين وسيعودون إلى أعمالهم فور انتهاء المعارك، فنحن لا نحب القتال وكل الشباب سيسلمون أسلحتهم".
يتفترش المقاتلون الارض
وتعاني ليبيا منذ بداية توالي سقوط المدن الليبية بيد قوات الملجس الانتقالي من عشوائية في اطلاق رصاص في الهواء من قبل مقاتلين وغير مقاتلين، وانتشار السلاح بكثرة.
ليبيا الجديدة
وحول مستقبل ليبيا الجديدة، وصف القائد الميداني أرسلان المشهد بأنه خير للعباد والبلاد، "هدفنا تصليح ليبيا فلا مجال للظلم بعد الآن"، بعد غياب نظام القذافي.
أغلب حديثهم فى الأمسية، عما أسموه ظلم القذافي لهم، وذلك خرجوا عليه، تحدث عدد منهم عن قصصهم مع النظام السابق فأقل تهمة قبل ثورة السابع عشر من فبراير من الجهاز الأمني أن يوضع في ملف المعارض كلمة "زنديق"، وهي تطلق على من رفعوا السلاح ضد الدولة وبالذات تنظيم القاعدة والسلفية الجهادية وأغلبهم يقطنون في مدينة درنة شرق البلاد.
لكن مصطلح "الزندقة" أصبح يطلق بعد ذلك على كل من هو إسلامي أوأي شخص يعارض النظام، بل حتى من يربون اللحية، وقد أسست الأجهزة الأمنية جهازا خاصا حمل إسم "مكافحة الزندقة".
ساحات القتال
مع صباحات الفجر الأولى وفي ليلة لم يكن النوم فيها بالأمر السهل، يبدأ المقاتلون يومهم بتجريب أسلحتهم الخفيفية والمتوسطة قبيل الإنطلاق للجبهة فإما استطلاع أو قتال أو تحضير لمعركة قد تكون حاسمة هدفها الرئيسي مدينة سرت مسقط الزعيم الليبي معمر القذافي.
ليلة في جبهات القتال ، مع مقاتلي الثورة الليبية ، اجتمعوا لإسقاط نظام العقيد الليبي معمر القذافي، وسيتفرقون كما يقولون ، فور بسط نفوذهم على جميع الأراضي الليبية، بعد ثورة يطل شهرها السابع.