البعض
منا يرى ان فرصته الحقيقية فى الخروج من هذه الحفرة المسماة بالوطن الى اى
دولة اخرى يحقق فيها ذاته و الحد الادنى لتطلعاته و البعض الاخر يرى انه
لن يترك هذا البلد ابدا مهما كلفه الامر و انه لن يترك وطنه و يبحث عن ارض
بديلة يتعرض فيها للغربة و البهدلة
و عندما تنظر لكلا و جهتى النظر تجد ان كلا منهما له حججه و دوافعه المنطقية..فأى منهما اصح؟
مربط الفرس الحقيقى فيما يمثله معنى الوطن بالنسبة لكل منا
البعض
يرى الوطن هو المكان الذى و لد و تربى فيه..يرى الوطن هو المكان الذى فيه
اهله و اصدقائه و ذكرياته..المكان الذى تشكلت فيه شخصيته و افكاره و
ثقافته و اصبح على ما هو عليه
البعض الاخر يرى الوطن فى المكان الذى يستطيع ان يحقق فيه ذاته ويصل للنجاح و يحقق امانيه و احلامه من اسرة سعيدة و حياة كريمة
البعض يرى الوطن فى المكان الذى يستطيع ان يعلى فيه كلمة دينه و يعيش حياة صحيحة تعينه على الطاعة و لا تدفعه للمعصية
البعض يرى انه لا يحتاج ان يعرّف الوطن لان وطنه داخله يأخذه معه اينما ذهب
المعضلة تبدأ عندما ينقص الوطن ما يجعله موافق لتعريفك و رؤيتك و اقتناعك بما يجب ان يكون عليه حاله..فى هذه اللحظة تشعر بالغربة..الغربة احيانا داخل وطنك لانك لا تستطيع ان تحقق احلامك و ذاتك و الغربة احيانا لانك خارج وطنك بعيد عن اهلك و اصدقائك و احبائك و الاماكن المحفورة فى قلبك...الغربة احيانا لانك تعيش فى بلد ذو ثقافة مختلفة يذكرك كل لحظة بأنك لا تنتمى الى هنا
كل يغنى على ليلاه و يختار ما يناسبه و لكن لأن حالة الوطن ليس بخير و لانه لا يحقق نظرة كل منا له كمفهوم للوطن فإننا غالبا نجبر على احد خيارين احلاهما مر
و لهذا اعتقد انه لا يوجد مخطىء هنا..لا الذى يظل داخل وطنه يحارب ظروفه و لا الذى ترك ظروف الوطن السيئة باحثا عن ظروف افضل خارجه - و هذا حقه - و يدفع الثمن تجرعا لعلقم الغربة
و لكن الحقيقة المنطقية انه يجب على كل منهما (الباقى داخل الوطن او خارجه) ان يحاول ان يغير من حال وطنه للأفضل بما يستطيع حتى نصل للصورة او مفهوم الوطن الذى نتمناه جميعا للوطن
كانت قناعتى حتى و قت قريب انه لا يمكن لمن هو خارج الوطن ان يغير فالتغيير يأتى على يد من هم بالداخل فقط..و لكنى اكتشفت ان هذا ليس صحيح دائما فهناك امثلة حققت النجاح فى الخارج و امتد تأثيرها لتحقق تغييرات ايجابية داخل مصر
و
من الامثلة الحية على ذلك د.محمد البرادعى..فهل لو كان ظل البرادعى داخل
مصر فى بداية حياته المهنية كان سيستطيع ان يثرى الحياة بالسياسية
بالتغيير كما هو حادث الان..لا اظن انه كان سيُترك حتى يصل الى هذه
المرحلة فنقطة قوة البرادعى انه بنى ذاته و شخصيته و وصل الى هذه القامة
خارج مصر ثم عاد بكل قوة و ثقل الى ارض وطنه ليعطى لا ليأخذ و بالتالى فهو
مشكلة جديدة من نوعها بالنسبة للنظام المصرى الذى احترف قتل التجارب
الناجحة سياسيا فى بداياتها و اغتيال الشخصيات التى يلتف حولها الناس
معنويا و احيانا ماديا فى مهدها حتى لا ينمو و يتطور شخص قادر على مناطحة
النظام كما يفعل البرادعى حاليا
و لهذا فأنه يجب على كل مصرى اينما هو ان يكون له هدف تغيير وطنه للافضل بالطريقة التى يستطيعها و لا يجب على المصرى فى الداخل ان يخوّن او ينكر على المصرى بالخارج و طنيته و حبه و انتمائه لوطنه..كما لا يجب على المصرى المقيم بالخارج ان يقطع جذوره و يبحث عن جنسية او انتماء لوطن غير وطنه بل يجب ان يكون سفيرا مدافعا
عنه على طول الخط و لا يجب ان تختلط هويته فيقوم بأشياء تضر وطنه لصالح
البلد التى هو فيها كما يجب ان يحافظ على نقاء هوية ابنائه المصرية ويحافظ
لهم على هويتهم الدينية سواء كان اسلامى او مسيحى
هناك
زوايا عديدة ننظر منها لمفهوم الوطن و الوطنية تحقق للكل منه جزء مما
يريده لهذا الوطن و الحل ان نسعى كلنا كل من الزاوية التى يرى منها ان
يصلح فى نفسه و يصلح فى وطنه حتى تتسع زاوية الرؤية لكل منا لتشمل رؤى
الاخرين لمفهوم الوطن و يصبح لنا وطن يحقق لكل منا مايريده
و هذا الوطن هو مصر و ليس اى بلد اخر